تعرف على "هبة سليم" أخطر جاسوسة مصرية عملت لصالح الموساد في 1973.. أمدت الاحتلال بمعلومات غاية في الأهمية.. أعدمها "السادات" وبكت عليها "جولدا مائير"..وفيلم "الصعود إلى الهاوية" قصتها الحقيقة
يبدو أن مصر باتت على وعد بجحود بعض أبنائها، هذا الجحود لم يعد قاصرا على التطرف والإرهاب ومخططات تدمير الدولة،
بل يصل في بعض الأحيان إلى السقوط في مستنقع الجاسوسية من أجل حفنة دولارات، ولم تكن واقعة "كريمة أمين الصيرفي" نجلة "أمين الصيرفي" سكرتير الرئيس المعزول التي شاركت في عملية جاسوسية لصالح المخابرات القطرية، الوحيدة من جنسها التي تآمرت على القاهرة.
ومن نساء الوطن كثيرات تخلت ممن تخلين عن وطنيتهن مقابل المال الحرام، وأشهرهم هبة سليم أول جاسوسة عربية استُغلت أيديولوجيًا وعملت لصالح الموساد في عام 1973، تستهل بها "فيتو" سلسلة عن أبرز الأسماء الذين توحلت أرجلهم في طين الجاسوسية والتآمر.
حصلت هبة على الثانوية العامة، ثم ألحت على والدها للسفر إلى باريس لإكمال تعليمها الجامعي هناك، وجمعتها مدرجات الجامعة بفتاة يهودية من أصول بولندية دعتها ذات يوم لسهرة بمنزلها، وهناك التقت بلفيف من الشباب اليهود.
أعلنت هبة صراحة في شقة البولندية أنها تكره الحرب، وتتمنى لو أن السلام عم المنطقة، وفي زيارة أخرى أطلعتها زميلتها على فيلم يصور الحياة الاجتماعية في إسرائيل، وأسلوب الحياة في "الكيبوتس" وأخذت تصف لها كيف أنهم ليسوا وحوشًا آدمية كما يصورهم الإعلام العربي، بل هم أناس على درجة عالية من التحضر والديموقراطية.
وعلى مدى لقاءات طويلة مع الشباب اليهودي والامتزاج بهم بدعوى الحرية التي تشمل الفكر والسلوك، استطاعت هبة أن تستخلص عدة نتائج تشكلت لديها كحقائق ثابتة لا تقبل السخرية، أهم هذه النتائج أن إسرائيل قوية جدًا وأقوى من كل العرب، وهذا ما جعلها تفكر في خدمة إسرائيل رافضة المال الذي قدموه لها.
نجحت أخطر جاسوسة تم تجنيدها من قبل الموساد في تجنيد المقدم مهندس صاعقة فاروق عبد الحميد الفقي الذي كان يشغل منصب مدير مكتب قائد سلاح الصاعقة، فبعد أن تعرفت على ضابط الموساد في منزل صديقتها البولندية أبلغته أنها على معرفة بالفقى.
وكان الفقى الذي كان يلتقى بـ"هبة" في نادي الجزيرة عاشقًا لها، أما هي فكانت تعاملة بمتنهى القسوة ولا تشعر اتجاهه بأى مشاعر، ولكن حين جندها الموساد قررت أن توافق على خطوبتها من الفقى حتى تستفيد منه بالمعلومات المهمة، وبالفعل تمكنت "سليم" من الحصول على معلومات في غاية الأهمية من الفقى، وأبلغت بها إسرائيل.
وبدأت تدريجيًا تسأله عن بعض المعلومات والأسرار الحربية، وبالذات مواقع الصواريخ الجديدة التي وصلت من روسيا، فكان يتباهى أمامها بأهميته ويتكلم في أدق الأسرار العسكرية، ويمدها بالخرائط زيادة في شرح التفاصيل.
وسقط ضابط الجيش المصري الذي لم يعد يملك عقلًا ليفكر، بل يملك طاعة عمياء سخرها لخدمة إرادة حبيبته في بئر الخيانة، ليصير في النهاية عميلًا للموساد تمكن من تسريب وثائق وخرائط عسكرية موضحًا عليها منصات الصواريخ "سام 6" المضادة للطائرات التي كانت القوات المسلحة تسعى ليل نهار لنصبها لحماية مصر من غارات العمق الإسرائيلية.
كان جهاز المخابرات المصري يبحث عن حل للغز الكبير، والذي كان يتمثل في تدمير مواقع الصواريخ الجديدة أولًا بأول بواسطة الطيران "الإسرائيلي"، وحتى قبل أن يجف البناء وكانت المعلومات كلها تشير إلى وجود "عميل عسكري" يقوم بتسريب معلومات سرية جدًا إلى "إسرائيل".
ونجحت المخابرات المصرية في كشف أمر الضابط الخائن وتم القبض عليه، وفي التحقيق معه اعترف الضابط الخائن تفصيليًا بأن خطيبته جندته بعد قضاء ليلة حمراء معها، وأنه رغم إطلاعه على أسرار عسكرية كثيرة إلا أنه لم يكن يعلم أنها ستفيد العدو.
وفي سرية تامة قدم سريعًا للمحاكمة العسكرية التي أدانته بالإعدام رميًا بالرصاص، ولكن وجدت المخابرات المصرية –بعد دراسة الأمر بعناية– أن يستفيدوا من المركز الكبير والثقة الكاملة التي يضعها الإسرائيليون في هذا الثنائي. وذلك بأن يستمر في نشاطه كالمعتاد خاصة والفتاة لم تعلم بعد بأمر القبض عليه والحكم بإعدامه.
وفي خطة بارعة من المخابرات الحربية، أخذوه إلى فيلا محاطة بحراسة مشددة، وبداخلها نخبة من أذكى وألمع رجال المخابرات المصرية تتولى "إدارة" الجاسوس وتوجيهه لإرسال معلومات لإسرائيل هي بالطبع من صنع المخابرات الحربية، وتم توظيفها بدقة متناهية في تحقيق المخطط للخداع.
وبعد أن بلعت القيادة الإسرائيلية الطعم ووثقت بخطة الخداع المصرية تقرر استدراج الفتاة إلى القاهرة بهدوء عبر خطة مخابراتية، لكي لا تهرب إلى إسرائيل إذا ما اكتشف أمر خطيبها المعتقل.
مثلت هبة أمام القضاء المصري ليصدُر بحقها حكم بالإعدام شنقا بعد محاكمة اعترفت أمامها بجريمتها.
لقد بكت جولدا مائير حزنًا على مصير هبة التي وصفتها بأنها “قدمت لإسرائيل أكثر مما قدم زعماء إسرائيل” وعندما جاء هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي ليرجو السادات تخفيف الحكم عليها، كانت هبة تقبع في زنزانة انفرادية لا تعلم أن نهايتها قد حانت بزيارة الوزير الأمريكي، حيث تنبه السادات فجأة إلى أنها قد تصبح عقبة كبيرة في طريق السلام، فأمر بإعدامها فورًا، ليسدل الستار على قصة الجاسوسة.
يشار إلى أن الفنانة المصرية مديحة كامل قامت بتجسيد هذه الشخصية في فيلم "السقوط إلى الهاوية" باسم "عبلة" الذي ظلت جملة "دي مصر يا عبلة" التي قالها لها ضابط المخابرات الذي جسده الفنان محمود ياسين، أثناء العودة بها إلى القاهرة عقب نجاح الجهاز في اعتقالها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق